كان عبدالرحمن مايزال يتأمل هو وزياد منظر ذلك النائم ..
بدأ زياد مرعوبا وهو يقول : هل أنت متأكد ياعبدالرحمن أنه هو ذلك اللص ؟؟
رد عبدالرحمن بعصبية : هو يازياد ..
أنه هو سبب كل هذه المصائب التي نحن عالقون فيها ..
عاد زياد يسأل : هل تتوقع أنه العقل المدبر لكل هذه الامور ؟؟
هز عبدالرحمن رأسه أيجابا : أنه هو بلا شك ..
بدأ القلق على زياد وهو يقول : ماذا سنفعل الان ؟؟
رد عبدالرحمن بسرعة : سنفاجأه حتما ..
أندهش زياد وهو يقول : هل تريد أن ندخل عليه ؟؟
رد عبدالرحمن : وهل سنكتفي بالفرجة ؟؟
واصل عبدالرحمن حديثه : أسمع ..
أنا منذ تلك الاحداث التي حصلت لي وأنا أتمنى لقاء هذا العلي ..
أنه يحمل أجابات كثيرة ..
وحتى كل أصدقائي وماحصل لي ..
حتما هو يعرف كل شي عنهم ..
بدأ زياد غير مطمئن وهو يقول :
هل سندخل سوية ؟؟
أشار له عبدالرحمن بالصمت ..
فقد كان ذلك النائم يتحرك ..
ثم يعود للسكون ..
وكان يطلق أنينا غريبا ..
وكأنه يتألم ..
ثم ..
قرر عبدالرحمن الدخول ..
وفعلا ..
دخل بسرعة ووقف على باب الغرفة وقال بصوت عالي :
مرحبا ايها اللص ؟؟
هانحن نتقابل من جديد ..
ثم ..
أنتبه عبدالرحمن وزياد الى شي غريب ..
شي مخيف ..
كان هناك جرح كبير بظهر سائق الاسعاف ..
وواضح انه تعرض لطعنة من سكين كبيرة ..
فالدماء تنزف بعنف ..
وكان واضحا أن هذا اللص يلفظ أنفاسه الاخيرة ..
أقترب عبدالرحمن منه وقال له :
علي أرجوك قبل أن أفقدك ..
قلي أين أحبتي ..
ماذا حصل لي ..
ماذا تريدون مني ؟؟
لم يكن ذلك اللص يرد بل كان يكتفي بنظرات مختلطة بالالام ..
جلس زياد ايضا قريبا وهو يسأل عبدالرحمن :
من تتوقع أنه فعل هذا الشي به ؟
رد عبدالرحمن : لاأعلم ..
ولكن يبدو أنهم لم يعودوا بحاجة اليه ..
لذلك قرروا التخلص منه ..
كان ذلك اللص علي يحرك شفتيه ببطء ..
وكان واضحا أنه يحاول قول شي ..
أقترب منه عبدالرحمن وهو يقول :
علي ..
من فعل هذا بك ؟؟
لم يكن يستطيع الاجابة ..
ولكنه ..
ضم أصابع يديه ..
وأشار الى باب الغرفة ..
الى خلف عبدالرحمن وزياد ..
ولم يكد الاثنان يلتفتان الى حيث يشير ..
حتى هوت صاعقة عليهما تماما ..
فحيث كان يشير ذلك اللص ..
كان يقف شاب ممسكا بسكين كبيرة بيديه ..
وكان ذلك الشاب يبتسم بشكل مخيف ..
بدأ عبدالرحمن وزياد يحاولان تمييز ملامح ذلك الشاب ..
ثم صرخ زياد بخوف ..
صرخ برعب وهو يقول : غير معقول !!
نعم الأمر كان غير معقول أبدا ..
فالشاب الذي كان يقف على باب تلك الغرفة حاملا السكين الكبير ..
لم يكن سوى صديقه ..
صديقه أيمن ..
أيمن بشحمه ولحمه ..
#################
كان زياد يصرخ والدموع تملأ عينيه ..
أيمن ..
ماذا حل بك ؟؟
أين كنت ؟
لم يكن يجيب أيمن بل كان يكتفي بالابتسام ..
ثم نظر الى ذلك اللص علي الملقى على الارض ..
كان سائق الاسعاف قد فارق الحياة تماما ..
ولم يكد أيمن يلاحظ ذلك حتى ..
أنطلق بسرعة مخيفة راكضا الى أعلى ذلك المنزل ..
وكان واضحا انه لم يذهب الا بعد أن تأكد من موت اللص علي ..
وكأنه كان يريد أن يضمن أن لاأجابات سيحصل عليها عبدالرحمن وزياد ..
بينما كان الاثنان لايزالان متسمران في تلك الغرفة ..
وكان واضحا أنهما لم يفيقا بعد من تلك الصدمة ..
ثم ..
تحرك عبدالرحمن بسرعة نحو تلك السلالم التي صعدها أيمن ..
وأنطلق زياد خلفه تماما ..
كانا قد وصلا الى الاعلى ..
ولم يكن يحوي ذلك الطابق العلوي سوى غرفة واحدة ..
غرفة واحدة كانت خالية من كل شي ..
ماعدا منضدة صغيرة خشبية كانت تتوسط تلك الغرفة ..
وكان موضوع عليها كتاب كبير مفتوح ..
ولم يكن هناك أثر لأيمن ..
توقف عبدالرحمن وهو ينظر الى ذلك الكتاب ..
ثم قال لزياد : صديقك فتح الكتاب ..
لم يكن زياد يعي مايقوله عبدالرحمن ..
فواصل عبدالرحمن : هذا الكتاب يازياد هو مايريده هؤلاء ..
وهذا الكتاب كان يفترض أن تكون هناك سكين كبيرة تتوسطه ..
لتمنع أستخدامه ..
وقد نزعت أنا ذات السكين في تلك المزرعة قبل هروبي ..
فأحترق المكان كاملا * ..
________________________________
* راجع الجزء الاول للحصول على تفاصيل أكثر .
________________________________
تعجب زياد وقال : أتقصد أن أيمن الان ايضا نزع السكين ؟
قال عبدالرحمن : الم تكن ترى تلك السكين التي كان يحملها ؟؟
أنها هي ..
كان زياد مندهشا وعاد يسأل :
ولكن لماذا لم يحترق المكان مثلما حصل معك ؟؟
رد عبدالرحمن بسرعة ..
ربما لأن صديقك قتل بذات السكين ذلك اللص علي ..
كانت هذه الاجابة يمثابة الصدمة لزياد ..
عاد زياد ليسأل عبدالرحمن : لماذا كان ايمن يتجاهل كلامي وكان يبتسم ؟
رد عبدالرحمن بحزن : ربما لأنهم تمكنوا منه تماما ..
ألا ترى أنه قتل ذلك اللص علي ؟؟
يبدو أنهم يريدون أن يكون صديقك أيمن الان هو بديل ذلك اللص علي ..
وأنهم يعولون عليه كثيرا ليكون أملهم في تحقيق مايريدون ..
كانت دموع زياد تنهمر وهو يقول : عبدالرحمن ..
أرجوك يجب أن نمنع كل هذا ..
لم يجيب عبدالرحمن ..
بل أقترب من الكتاب ..
ثم أخرج بعض أعواد الثقاب من جيبه ..
وطلب من زياد أن يبتعد ..
ثم قال وهو يشعل عود الثقاب ..
الان سينتهي كل شي ..
وسأفسد متعتكم أيها المجانين ..
وبدأ عبدالرحمن يشعل ذلك الكتاب ..
ثم ..
لم يكد يشتعل ذلك الكتاب ..
ألا ولمع في المكان ضوء مخيف ..
ضوء قوي جدا ..
سقط بعده عبدالرحمن وزياد مغمى عليهم ..
كيف لا ..
وذلك السطوع المفاجئ والقوي كان كافيا لأن يفقد بشريا بصره ..
وعاد الهدوء للمكان ..
####################
أستيقظ عبدالرحمن من تلك الغيبوبة وهو يرى زياد ملقى بجانبه ..
بدأ يحاول أيقاظ زياد ..
وفعلا بدأ زياد يستيقظ تدريجيا ..
كانا يجهلان المكان الذي هم فيه الان ..
انهم الان بجانب أحد الطرق السريعة ..
ولايعلمان كيف وصلا الى هنا ..
بدأ زياد يسأل : أين نحن ؟
رد عبدالرحمن : لاأعلم ..
ولكن الاكيد أننا لم نعد في مكاننا السابق ..
نهض زياد وهو يقول : مالذي حدث ؟؟
رد عبدالرحمن بسرعة : أحرقنا الكتاب ثم بهرنا ذلك الضوء القوي ..
والحمد لله أنه لم يفقدنا أبصارنا ..
كان الاثنان يسيرا بأتجاه ذلك الخط السريع ..
وعاد زياد للتساؤل : أتعتقد أن كل شي أنتهى ؟؟
ضحك عبدالرحمن وقال : أتمنى ذلك ..
فعلا ..
كان الاثنين يتمنيان أن يعودا الى مدينتهما ويجدا أن هذا الكابوس أنتهى ..
كل منهم يتمنى أن يعود الى مدينته ويجد أحبته كما هم ..
زياد كان يتمنى أن يجد أيمن بأنتظاره ..
وعبدالرحمن يتمنى أن يجد كل شي كما كان قبل تلك الحادثة الاولى ..
صحيح أنها سبع سنوات مرت ..
ولكن فراق أولئك الاحبة صعب ..
وصل الاثنين الى الطريق السريع وبدأ بالاشارة للسيارات المارة ..
توقفت لهما سيارة شرطة كانت تمر بالصدفة من المكان ..
ثم أشار لهما السائق وصديقه بالركوب ..
ركبا في الخلف ..
وهما يضحكان ...
كانا يضحكان كيف أنهم قبل ساعات كانا يهربان من الشرطة ..
والان هاهم يركبون سيارة الشرطة بطوعهما ..
سألهم سائق سيارة الشرطة : مالذي جاء بكما الى هذه المنطقة النائية ؟؟
هل تعطلت سيارتكما ؟
أبتسم زياد وهو يقول : أنها قصة طويلة لن يصدقها عقل بشري ..
قاطع عبدالرحمن حديث زياد وهو يقول للشرطي الاخر :
من فضلك ..
أين نحن الان ؟
ماهي هذه المنطقة ؟؟
قال الشرطي بتعجب ..
أنت في الجزء الشرقي من البلاد ..
لماذا ألست تعرف أين أنت ؟؟
كان زياد وعبدالرحمن يبتسمان ..
لأنهما يعلمان أن مامن مخلوق سيصدقهما ..
ولكن عبدالرحمن أكتفى بالقول للشرطي :
يكفي أن كل شي أنتهى ..
أنتهى ذلك الكتاب تماما ..
عاد الشرطي ليتبادل نظرات أستغراب مع صديقه ثم قال لعبدالرحمن :
أمركما غريب ..
يبدو أنكما تهذيان ..
أو كنتما تائهان ..
ساد صمت طويل بعد هذه العبارة ..
وصلت سيارة الشرطة الى أحدى محطات الوقود التي تنتصف ذلك الطريق ..
ثم أشار سائق سيارة الشرطة الى عبدالرحمن وزياد بأن يذهبا الى ذلك المحل الذي يتوسط تلك المحطة فمن هناك سيستقلان الباص الى مدينتهما ..
شكر عبدالرحمن وزياد رجلا الشرطة وانصرفا ..
ولم يكد ذلك الشرطي يبتعد بسيارة الشرطة ..
حتى ألتفت الى صديقه الذي يرافقه وقال له :
هل تعتقد أنهما الان مؤمنان بأنهما قضيا على الكتاب تماما ..
أبتسم زميله وهو يقول : هذا أفضل ..
دعهم يتصورون أن كل شي قد أنتهى ..
على الأقل سيكون لدينا وقت كبير لأنهاء ماتبقى من مخططنا ..
ضحك زميله وقال : نعم أنت محق ..
وواصلا ضحكاتهم المخيفة وهما ينطلقان بسيارة الشرطة ..
ثم ...
أختفت تلك السيارة بهدوء ..
وكأنها لم تكن موجودة على ذلك الطريق قبل قليل ..
وعاد الهدوء يسود الطريق ..
يسوده تماما ...
أنتهت
بقلم / سمير الروشان
**الماسه حساسه**